Skip to main content

القانون الجديد لحق التونسيين في النفاذ إلى المعلومة بحاجة إلى المواطن ليعمل

Young students use Facebook in an internet center in Tunis on March 13, 2012, the first National Day for Internet Freedom. © Fethi Belaid/AFP/Getty

إن اعتماد تونس مؤخراً لقانون يمنح المواطنين حق النفاذ إلى المعلومة لأمر يستوجب الاحتفال. وبانضمام البلاد إلى الحركة الديمقراطية الدولية اتجاه توفير المزيد من فرص حق النفاذ إلى المعلومة وشفافيتها، تكون تونس قد ضربت مثالاً ساطعاً آخر في منطقة تعمها التحديات، وبهذا فهي تبرهن على التزامها بالتحول الديمقراطي والحكم الرشيد.

وفيما إذا كان هذا القانون سيقرّب البلاد من تطلعاتها الديمقراطية أم لا، سيتوقف الأمر في نهاية المطاف على قدرة المواطنين على الاستفادة من هذا القانون، وعلى القطاع العام الذي سينفذه ويلتزم بأحكامه.

يضمن هذا القانون حق النفاذ إلى المعلومة لا سيما فيما يتعلق بإدارة الخدمات العامة، ويهدف إلى تحسين أداء هذه الخدمات من خلال الشفافية، وتعزيز المشاركة الشعبية في عملية وضع السياسات، وتشجيع البحث العلمي.

لم يكن من الممكن لتونس الوصول إلى نقطة التحول المحتملة هذه على مسار الديمقراطية لولا يقظة المجتمع المدني وعمله الفاعل، إذ شكلت مسألة حق النفاذ إلى المعلومة الحافز لحشد الجماهير وتوحيد منظمات المجتمع المدني المختلفة وذلك بهدف العمل من أجل قضية مشتركة، اذ من شأن القانون الجديد أن يكون أداة هامة لمعالجة بعض المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الأكثر إلحاحاً في البلاد، وتعزيز الشفافية الحكومية، وزيادة المشاركة المدنية.

قام فرع منظمة "المادة 19" في تونس، وهي منظمة تدافع عن حرية التعبير والإعلام، بالعمل مع الحكومة على صياغة مشروع القانون وضمان التزامها بالمعايير الدولية، حيث تعمل هذه المنظمة مع الحكومة المحلية على تبني مبدأ الاستباقية في عملية توفير المعلومات والاستجابة لها، كما تعمل مع الأفراد والمجتمعات المحلية لمساعدتهم في المشاركة الفاعلة، والمطالبة بخدمات عالية الجودة، ومراقبة التقدم، وفضح الفساد.

استخدمت منظمة البوصلة وسائل التواصل الاجتماعي لتوعية الجماهير وتعبئتهم إزاء مسألة اعتماد القانون الجديد. وأطلقت المنظمة في عام 2014 مشروعاً تحت عنوان "مرصد بلدية" لمراقبة أنشطة البلديات. وخلال عامين فقط، جمع المشروع من الحكومات المحلية معلومات يتم الوصول إليها عبر تطبيق قام شباب تونسيون بتطويره، حيث يتيح هذا التطبيق للمستخدمين التدقيق في بيانات الميزانية، والموظفين، والأنشطة، والاستثمارات، وخطط التنمية في مدينتهم.

فعندما يتسلح المواطن بمعلومات دقيقة عن السلطات المحلية، يتمكن من تكوين فهم أفضل عن عمل وموارد وقيود مدينتهم وخططها المستقبلية.

تتنافس البلديات الآن في جميع أنحاء البلاد على تحقيق أعلى مستوى من الشفافية حسب مقياس الراصد المحلي الذي يساعد في فضح الفساد من خلال السماح للمواطنين برصد التطور الحاصل في أعمال التنمية والنظر في المنافع الاجتماعية المتأتية عنها، والتكلفة، والتقدم المحرز. وبالتالي، فقد قام مشروع "مرصد بلدية" بجسر الهوة بين المواطنين والسلطات المحلية وذلك من خلال زيادة شفافيتها وزيادة مشاركة المواطنين، وهذه هي الخطوة الأولى نحو المشاركة الشعبية الفعالة على المستوى المحلي.

لكن لا يمكن تحقيق جميع الأهداف التي نص عليها قانون حق التونسيين في النفاذ إلى المعلومة إلا إذا اعتبرت الحكومة والمجتمع المدني والمواطنون أنفسهم جزءاً من نظام ديمقراطي بيئي سياسي أوسع تسود فيه سيادة القانون وتتوافر من خلاله فرص الوصول إلى العدالة والمشاركة المدنية.

وإذا ما أرادت الحكومة زيادة الشفافية والمساءلة، فيجب عليها وضع آلية واضحة وقابلة للتطبيق لتنفيذ القانون الجديد بما في ذلك وضع عملية مستقلة لمعالجة الشكاوى بالإضافة إلى فرض العقوبات عندما يتم حجب المعلومات بطريقة غير مشروعة. كما لا ينبغي أن تقتصر عمليه الإفصاح عن المعلومات على طلبات محددة، بل ينبغي أن يكون ذلك جزءاً من عملية سلسة تندمج بصورة طبيعية في نظام سياسي سليم. ولتحقيق هذا الأمر، ينبغي تنظيم القوانين، وتصنيف المعلومات المتوفرة، وتعيين الموظفين المؤهلين.

إن قانون النفاذ إلى المعلومة ليس سوى الخطوة الأولى، ويتعيّن على المجتمع المدني تثقيف المواطنين حول المنافع الاجتماعية التي تتأتى عنه. قليل هم الأشخاص في تونس الذين ينظرون إلى حقهم في النفاذ إلى المعلومة على أنه الجسر الذي يربط بين مبادئ المجتمع المنفتح العليا التي من شأنها أن تحمي حقوقهم وتدفعها قدماً.

وفي حال تم تنفيذ النفاذ إلى المعلومة بفعالية وشفافية، فلن يعمل هذا القانون على توطيد الديمقراطية الوليدة في تونس فحسب، بل أيضاً سيثبت دور البلاد بوصفها رائدة التغيير الديمقراطي والاجتماعي في المنطقة، في حين سيكون هذا القانون حبراً على ورق في حال لم يتمكن المواطنون والمجتمع المدني من استخدامه لمعالجة القضايا التي ألهبت الانتفاضات العربية قبل خمس سنوات.

منظمة "المادة 19" والبوصلة، إحدى الجهات المستفيدة من منح مؤسسة المجتمع المنفتح.

Read more

Subscribe to updates about Open Society’s work around the world

By entering your email address and clicking “Submit,” you agree to receive updates from the Open Society Foundations about our work. To learn more about how we use and protect your personal data, please view our privacy policy.